تسألني: من أنت؟ كيف أنت؟ لم أنت أنت؟
أقول: أنا لم أعد ما كنت عليه...
تسألني: ما الخطب؟
أقول: خطب جلل يا صديقي... الانتظار... ما أقساه...!
موت وحياة متحدين.
تسألني: أي انتظار؟! حدثني عن الانتظار...
أقول: صحراء جرداء... لا زروع أينعت ولا ماء... تنادي
فيرتد إليك الصوت... أنت والصدى معيّة واحدة!
تسألني: ولم الانتظار؟!

نعود أدراجنا ... نبحث عن أيام الصبا ...
أين شمسنا الغائبة ...؟ أين شموعنا الخافتة ...؟
أين مشاعلنا المتوهجة ...؟ أين الأحضان الدافئة ...؟
أين ولّت ساعات الأصيل ...؟ أين رحلت ؟!
تنادينا غـُرباتنا ... شمسُكم لم تغب ... ولكن غابت أوطانكم ...

في رحلة العودة من عاصمة الضباب .. لندن .. توقفت لأيام معدودة في أم الدنيا .. قاهرة المعز .. مُلبياً بعض دعوات رفقاء درب المهجر ممن لم ألتق بهم لسنوات عديدة... لنسترجع معاً أيام الصبا... وسنوات البراءة... في وطن كان يعيش في قلوبنا رغم مرضه ووهنه وعضال دائه... لنصحو ذات إصباح فنكتشف أن الوطن لم يكن سوى حلم لم يكتمل عقده... وأمل طال انتظاره...

من يظن أن عقارب الساعة تعود إلى الخلف فهو مخطئ، حينما تجري أشعة رنين مغناطيسي على جسد الوطن الكسير، يتضح لك تعدد البؤر التي يتمركز ويتمترس بها جيل نشأ وتربى على أن الأفضلية للأقدمية... والرتبة الأعلى هي الأولى بالمشورة والأولى بالقيادة والأولى بالتبعية المطلقة... وأن الهيئات والوزارات وكبريات مؤسسات الدولة إن قاد دفتها ربان سفينة لم يتجاوز الستين قيل عنه أنه من القادة الشباب !! أو الجيل الجديد... وحينما تمعن النظر في نتائج الأشعة تتعجب وأنت لا ترى للشباب أثراً ولا مكانة في مسيرة أرض الكنانة...

حين تهرع إلى القنوات الفضائية المصرية باحثاً عن الجديد في ملامح الوطن الجريح وثقوب ثوبه المكتسي سواداً... ترى عيناك وتسمع أذناك أحاديث صادرة عن (أنقياء) و(أوصياء) و(حكماء) تارة... وفى الوقت نفسه .. (خبلاء) و(جهلاء) تارة أخرى، وتتراوح الأطروحات بين طرد السفير الإسرائيلي وإلغاء اتفاقية كامب ديفيد...

TOP